المدير العام
| موضوع: حمداً لله على هلاك طاغية ليبيا ولكن .. الإثنين نوفمبر 14, 2011 6:59 pm | |
| حمداً لله على هلاك طاغية ليبيا ولكن .. بسم الله الرحمن الرحيم سلام عليكم ورحمة الله وبركاته .............. أما بعد:
فقد تباشر المسلمون بهلاك طاغية من طغاة الأرض وهو طاغية ليبيا معمر القذافي – عامله الله بعدله – الذي صده كبره وغطرسته عن قبول الحق، وكفره علماء السعودية، وفي مقدمهم الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز – رحمه الله – بعد أن أرسل وفداً لمناصحته، قال تعالى سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ) فنحمد الله الذي أقرّ أعيننا عامة وأهل ليبيا خاصة بهلاك هذا الطاغية، وبهذه المناسبة المفرحة أشير إلى أمور على عجالة، وباختصار:
الأمر الأول: الحكم لكتاب الله وصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بفهم السلف الصالح عند أهل الهدى من المسلمين، قال تعالى (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)، والتحاكم إليهما هو الأحسن، وإن ظن المغتر بعقله خلاف ذلك . وما حكمت فيه الشريعة نوعان : النوع الأول/ أحكام العبادات الشرعية، كالصلاة، والزكاة، ونحو ذلك .
النوع الثاني/ معاش الناس واقتصادهم، ومعاملتهم مع بعضهم كالوالدين وولاة الأمر وهكذا.. فقد حرمت الشريعة الربا بدلالة القرآن، وهو مما يتعلق باقتصاد الناس، وأمرنا بطاعة الوالدين، وهو مما يتعلق بالتعامل مع الولدين، قال تعالى (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا )، وأمرت بطاعة ولاة الأمر، وهو مما يتعلق بالتعامل مع رؤسائهم، قال تعالى( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) الأمر الثاني: خلاصة ما حكم الله به فيما يتعلق بالولاية الشرعية وولاة الأمور :
أولاً: الكافر لا بيعة له ولا ولاية شرعية له، كأمثال معمر القذافي، وحكام الدول الغربية، وأمريكا، لقوله تعالى (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا )، لكن أنبه إلى تنبيهين:
التنبيه الأول/ أنه لا يخرج عليه عند الضعف؛ لأنه لا قدرة؛ لذا لم يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على كفار قريش، فلم يقاتلهم لما كان بمكة .
التنبيه الثاني/ من كان تحت ولاية هؤلاء يجب عليه أن يلتزم الأنظمة العامة التي فيها نفع للناس، وتركها يضر، ولا تخالف شرع الله . هذا في الجملة، وفي المسألة تفصيل . ثانياً: الحاكم المسلم له بيعة، ويسمع ويطاع له، ولو كان فاسقاً ظالماً في غير معصية الله، وتقدمت الإشارة إلى ذلك .
ثالثاً: حرمة الخروج على ولاة الأمور المسلمين، ولو كانوا ظالمين فاسقين باسم الثورات أو غيرها، بدلالة كل دليل يدل على السمع والطاعة للحاكم في غير معصية الله وانظر رسالة : الحقوق الشرعية لولاة أمور المسلمين من رب البرية http://islamancient.com/books,item,26.html
الأمر الثالث: إن عدم تأييد هذه الثورات كثورة ليبيا لا يعني بحال حب هؤلاء الطغاة، كما بينت هذا في مقال سابق بعنوان: أحداث تونس الحالية بين الإفراط والتفريط http://islamancient.com/mod_stand,item,72.html بل عدم تأييدها يرجع إلى سببين:
السبب الأول: أن المستضعف لا يواجه القوي الظالم؛ لأن في مواجهته ضرراً أكبر، ولا طاقة لهم بمواجهته، وليبيا لولا أن الله سلم بالقوات الأجنبية، لكان - والله أعلم- الشأن شأناً آخر، فإنه كاد أن يسترجعها حتى وصل إلى حدود بنغازي، لكن الله سلم - والحمد لله على رحمته وفضله -، ومع ذلك قد حصل من سفك الدماء، وانتهاك الأعراض إلى سقوط هذا الطاغية ما لا يقره شرع ولا عقل([1]) . فيا عجبي كيف يدفع ظلم بما هو أشد! كيف يرضى مسلم بسعة في دنياه بانتهاك عرضه، أو سفك دم مسلمين آخرين قد يكونون والديه أو أولاده أو غيرهم !!. وقد يعترض على هذا بما يلي: الأول: أنهم انتصروا .
فيقال: إنهم انتصروا بنصرة الله لهم بهذه القوات الأجنبية، ونصرة هؤلاء كانت مظنونة مشكوكاً فيها حتى بعد بداءتهم، فكيف يتسبب في محظور متيقن شرعاً لأجل ثمرة مشكوكة مظنونة، قال تعالى (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا) ومثل هذا كلام الحركي المتناقض سلمان العودة، لما شبه هذه الثورات بالثمرة التي يزرعها الزارع، وقد تثمر وقد لا تثمر.
فيقال: هذا تشبيه حركي لا شرعي، وحزبي لا سني . وذلك أن زرع الثمرة ليس محرماً، فيكون فاعله مرتكباً محرماً متيقناً لمصلحة مظنونة، بخلاف التسبب في قتل النفوس وانتهاك الأعراض. وبعد هذا كله لا يدرى ماذا سيكون حالهم في أنفسهم بعد هلاك هذا الطاغية ومع القوات الأجنبية . وأسأل الله أن تكون العاقبة حميدة. ثم لتعلموا أيها القراء أن الحزبيين الحركيين سياسيون، لا شرعيون، كالعودة والعمر والإخوان المسلمين قد أيدوا الاستعانة بالكفار في ليبيا بخلاف أزمة الخليج، فقد قاموا قومة واحدة في إنكارها والتشغيب عليها فلماذا يا ترى ؟!! الثاني: أن النتيجة حصلت وهي: هلاك هذا الطاغية الكافر.
فيقال: من القواعد الشرعية المرعية أن حصول النتائج لا تدل على صحة الطريقة، فنحن متعبدون لله طريقة ونتيجة ووسيلة وغاية، فهل إذا سرق رجل وتم مقصوده يُشكر؛ لأن النتيجة حصلت، وهي إشباع البطن، أو سداد الدين، وقد جاء في حديث - احتج به بعض أهل العلم - من فسر القرآن برأيه، فقد أخطأ وإن أصاب . الثالث: أن هذه الفعال جهاد في سبيل الله ، والجهاد في سبيل الله لابد أن تحصل فيه سفك دماء. فيقال: الجواب من وجهين:
الوجه الأول / أن الجهاد لا يشرع في حالة الضعف إذا كان لا قوة للمسلمين في مواجهة الكافرين؛ لذلك لم يجاهد النبي صلى الله عليه وسلم في مكة, والشعب الليبي لا طاقة له بطاغيتهم، كما تقدم . الوجه الثاني/ أن كثيراً ممن قام ضد هذا الطاغية كانوا يرفعون رايات باسم الحرية لا الرايات الشرعية، وإن كان يوجد منهم من هو مريد لله والدار الآخرة . السبب الثاني/ أن هذه الثورات خلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، فقد صبروا وصابروا، حتى فرج الله مع اعتداء كفار قريش على الأنفس أخرج البخاري - عن خباب بن الأرت قال : شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، فقلنا: ألا تستنصر لنا ألا تدعو لنا ؟ فقال:" قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل، فيحفر له في الأرض، فيجعل فيها فيجاء بالمنشار، فيوضع على رأسه، فيجعل نصفين ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه، فما يصده ذلك عن دينه . والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله، والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون"
الأمر الرابع / تبين فيما تقدم حرمة هذه الثورات تحت ولاية حكام كافرين إذا كان المسلمون مستضعفين على ما تقدم بيانه وتفصيله ، فهي في البلدان والحكومات الإسلامية أشد حرمة؛ لأنها من مشاقة ولاة الأمور، والخروج عليهم، ومن تضييع الأمن والأمان، وسفك الدماء، وانتهاك الأعراض، وكل هذه محرمات موبقات. فكم يعجب المسلم أن تصل هذه الثورات إلى حد قتل حاكمٍ وهو يصلي صلاة الجمعة وهو حاكم اليمن !! أين قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أخرج مسلم عن عوف بن مالك لما قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلا ننابذهم بالسيف فقال:" لا ما أقاموا فيكم الصلاة " ألهذه الدرجة صارت الحماسات والحزبيات، كحزب الإخوان المسلمين تقود عوام المسلمين إلى ما فيه هلاكهم في الدنيا والآخرة؛ في الدنيا بإفساد دنياهم، وفي الآخرة بعصيان مولاهم سبحانه، ثم أشد من ذلك وأشد: أن ينادي جمع من المغرضين من الليبراليين والعلمانيين، ومن الحركيين إلى إشعال هذه الثورة في بلاد التوحيد والسنة السعودية – أعزها الله وجميع بلاد المسلمين بالتوحيد والسنة –، ثم يتابعهم زمرة من العامة الذين يهرفون بما لا يعرفون، ويسيّرون إلى ما لا يدرون . كيف يجترئ عاقل في الدعوة إلى إقامة هذه الثورات في بلاد قامت على التوحيد والسنة ولازالت، وهي أم الدول السنية، تربي أولادها في المدارس النظامية على كتب التوحيد والسنة، وتفتخر بالدين الإسلامي ديناً لها، وبالقرآن الكريم دستوراً تسير عليه، حتى استعمل هؤلاء المغرضون في تهييج من لا يدري من العامة: الدنيا والمطالبة بالحقوق تماما كما فعل المغرضون في عهد عثمان بن عفان - رضي الله عنه -، وفي مقدمهم اليهودي المظهر للإسلام نفاقاً عبدالله بن سبأ، لما هيج الناس على ذي النورين عثمان بن عفان – رضي الله عنه- باسم المطالبة بالحقوق، فاعتبروا يا قوم، واجعلوا التاريخ عظة لكم، والسعيد من وعظ بغيره كما قال ذلك عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه وأرضاه - فيما أخرجه مسلم في صحيحه . الأمر الخامس/ قد اجتهد الحركيون الليبيون - كعلي الصلابي- والسعوديون -كسلمان العودة - في قطف ثمرة الثورة الليبية، لكن قام جمع من الليبيين ضد الصلابي، وكذلك سلمان العودة سقط من أعينهم لأجل كذباته في أحداث ليبيا، ففي زيارته لليبيا وقت حكم القذافي أثنى عليها، وأشاد بجهوده وبدولته، كما فعل ذلك تماماً يوسف القرضاوي، بل وصور القرضاوي مع القذافي عند خيمته صورة تذكارية http://islamancient.com/blutooth/281.jpg
ثم لما قامت الثورة قلب العودة وشيخه القرضاوي المجن، وكذبا ما قالا بلا حياء ولا خجل، وكأنه لا عقول للناس ، وانظر إلى هذا الرابط تر عجباً http://islamancient.com/lectures,item,976.html
وختاماً .. أوجه رسالة نصح لأهل ليبيا، مذكراً إياهم أنه لا نجاة إلا بالتمسك بالكتاب والسنة بفهم السلف الصالح، قال تعالى ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ )، وأذكرهم أن فتنة السراء أشد من فتنة الضراء، وسياتي إن شاء الله إفراد أهل ليبيا بمقال . وفي وقت مشاركتي أهل ليبيا والمسلمين فرحة هلاك هذا الطاغية، إلا أنني أعزي نفسي والمسلمين بوفاة أمير من أمراء التوحيد والسنة الأمير سلطان بن صقر الجزيرة الإمام عبد العزيز – رحمهما الله رحمة واسعة – وجعل الجنة مثواهما ودارهما - . وكم هو البون الشاسع بين حب المسلمين من السعوديين - إلا من شذ منهم- وغيرهم، لهذا الأمير الموحد المعطاء، وبين بغض المسلمين لطاغية ليبيا. فالحمد لله الذي من علينا بولاة توحيد وسنة يحبهم كل سني، إلا من تلوث بأفكار حزبية وبدعية، ومن تأثر بهم . وعنوان المقال القادم –إن شاء الله- : إيقاع العودة للطاقات الشبابية بمصيدة الحقوق والحرية . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته د. عبد العزيز بن ريس الريس المشرف على موقع الإسلام العتيق http://islamancient.com/ 26 / 11 / 1432هـ -------------------------------------------------------------------------------- ([1])
أكد اللواء عبدالمنعم الهوني، ممثل المجلس الانتقالي الليبي في القاهرة، أن نظام القذافي اقترب من النهاية، بعد سيطرة الثوار على معظم أرجاء البلاد، وتم حصر القذافي وكتائبه في العاصمة طرابلس. ولفت إلى أن حجم الخسائر المادية والبشرية للحرب في ليبيا باهظة، حيث تجاوز عدد القتلى منذ اندلاع الثورة في شباط/فبراير الماضي وحتى الآن 35 ألف قتيل من الجانبين، إضافة إلى عشرات الآلاف من المصابين، فيما تجاوزت الخسائر فى البنية التحتية والمنشآت 240 مليار دولار. صحيفة هسبريس 12/8/2011
وفي جريدة الشرق الأوسط 11985 23/10/1432قال مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي، الذي حضر ممثلا عن ليبيا في اجتماعات الأمم المتحدة إن «هناك تحديات كبيرة، مع وجود القذافي وإطلاق العملية التنموية، واحتياجاتنا كثيرة.. لقد فقدنا 25 ألف شهيد، وهناك مطالب كثيرة نحن بحاجة لها». الشرق الأوسط 11985 23/10/1432 فإن لم يطبقوا شرع الله فما أعظم جنايتهم، وما أقبح خسارتهم إن لم يجنوا من ثورتهم سوى قتل هذا المجرم في الوقت الذي خسروا فيه الآلاف من المسلمين.. |
|